في ديسمبر من عام 2015، اجتمع قادة الخليج في قصر الدرعية، ضمن أعمال الدورة الـ36 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، التي طرح حينها خادم الحرمين الشريفين رؤيته والتي تضمنها إعلان الرياض.
وورد فيها أن الحاجة قد أصبحت ملحة إلى مضاعفة الجهود لاستكمال الخطوات المهمة التي بدأها المجلس نحو التكامل والترابط والتواصل بين دوله ومواطنيه، وإعلاء مكانة المجلس وتعزيز دوره الدولي والإقليمي، والارتقاء بأداء أجهزة المجلس لتحقيق هذه الأهداف.
تلك الرؤية انبثقت من قراءة معمقة للمتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تمر بها المنطقة والعالم، وانعكاساتها المباشرة على دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وبالنتيجة الدور والمسؤولية التاريخية التي تضطلع بها دول المجلس نحو شعبها ومحيطها الذي كان ولا يزال غير مستقر.
آنذاك كنّا على بعد خمسة أعوام من انطلاق الربيع العربي، وبعد أشهر من انقلاب الذراع الإيرانية في اليمن «الحوثيين»، على الشرعية؛ وهو خطر ما زال قائماً على مستوى سيادة اليمن وعلى مستوى أمن الخليج، وبالطبع كان وما زال المشروع الفارسي مهدداً لأمن الخليج، من خلية العبدلي في الكويت إلى الجزر الإماراتية المحتلة، مروراً بكل دول الخليج بشكل مباشر أو غير مباشر.
وحتى مصر التي شاركت في قمة العلا؛ باعتبارها ضمن الرباعية التي تصالحت مع قطر، طالها الأذى من حزب الله، وقد اعتقلت خلية تابعة له في 2010، كما تعتبر حماس على حدوده أداة إيرانية مهددة لأمنها، والتي أمست تحتفي بقاسم سليماني قاتل الأطفال السوريين واليمنيين، باعتباره شهيداً للقدس.
وهنا ندرك ما ورد في كلمة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، من أهمية وجود سياسة خارجية موحدة تجاه التهديدات الخارجية، ليس فقط لأن الأخطار تحيط بها من عدة جوانب، بل أيضاً لأن الأقدر ككيان سياسي لخلق نواة استقرار وتنمية في العالم العربي، يمتد لحدود العالم العربي وما بعد ذلك، مما يوضح أيضاً رؤية سمو ولي العهد لكي تتحول منطقة الشرق الأوسط إلى أوروبا الجديدة.
وبالاشارة إلى الاتحاد الأوروبي، ففي عام 2003 صممت السياسة الأوروبية للجوار بعنوان «سياسة أوروبية أوسع»، ينبغي على الاتحاد تطوير علاقة خاصة مع دول الجوار بهدف إقامة منطقة ازدهار وحسن جوار، إلا أنها لاحظت مع الوقت بأنها تتأثر بالتحديات الأمنية المشتركة، جراء ما قامت به روسيا في جورجيا 2008 وفِي أوكرانيا 2011، وإلى ما يتجاوز ذلك في الطوق العربي، وتأثيرات ما حصل في ليبيا وسوريا على تدفق اللاجئين.
ربما النظر في السياسة الأوروبية ضمن الاتحاد وتطورها تبعاً للمستجدات والمتغيرات الداخلية وفِي المحيط، يساعدنا أكثر في فهم رؤية خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده نحو أهمية بناء خليج قوي ومتعاون، والطموح أن يصل ذلك إلى التكامل.
والتنمية لا تتحقق إلا بالحد من المخاطر الأمنية، والسعي لبناء اقتصاد قوي عبر اتمام فكرة السوق الخليجي المشترك، واتمام جميع الإجراءات الجمركية المطلوبة، وتعزيز البنية التحتية وسكك الحديد بين دول المجلس.
إن رؤية الملك سلمان التي عبر عنها بيان العلا، تعتبر خريطة طريق لدول الخليج، بعد عام من جائحة كورونا والتأثيرات الاقتصادية الناجمة عنه، بالإضافة إلى تراجع الطلب على النفط، لتبني دول الخليج على ما لديها من قدرات بشرية واقتصادية وعسكرية، وعلاقات دولية مميزة، لمستقل واعد لأبنائها ولمحيط الخليج أيضاً.
كاتب سعودي
Twitter: @aAltrairi
Email: me@aaltrairi.com
وورد فيها أن الحاجة قد أصبحت ملحة إلى مضاعفة الجهود لاستكمال الخطوات المهمة التي بدأها المجلس نحو التكامل والترابط والتواصل بين دوله ومواطنيه، وإعلاء مكانة المجلس وتعزيز دوره الدولي والإقليمي، والارتقاء بأداء أجهزة المجلس لتحقيق هذه الأهداف.
تلك الرؤية انبثقت من قراءة معمقة للمتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تمر بها المنطقة والعالم، وانعكاساتها المباشرة على دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وبالنتيجة الدور والمسؤولية التاريخية التي تضطلع بها دول المجلس نحو شعبها ومحيطها الذي كان ولا يزال غير مستقر.
آنذاك كنّا على بعد خمسة أعوام من انطلاق الربيع العربي، وبعد أشهر من انقلاب الذراع الإيرانية في اليمن «الحوثيين»، على الشرعية؛ وهو خطر ما زال قائماً على مستوى سيادة اليمن وعلى مستوى أمن الخليج، وبالطبع كان وما زال المشروع الفارسي مهدداً لأمن الخليج، من خلية العبدلي في الكويت إلى الجزر الإماراتية المحتلة، مروراً بكل دول الخليج بشكل مباشر أو غير مباشر.
وحتى مصر التي شاركت في قمة العلا؛ باعتبارها ضمن الرباعية التي تصالحت مع قطر، طالها الأذى من حزب الله، وقد اعتقلت خلية تابعة له في 2010، كما تعتبر حماس على حدوده أداة إيرانية مهددة لأمنها، والتي أمست تحتفي بقاسم سليماني قاتل الأطفال السوريين واليمنيين، باعتباره شهيداً للقدس.
وهنا ندرك ما ورد في كلمة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، من أهمية وجود سياسة خارجية موحدة تجاه التهديدات الخارجية، ليس فقط لأن الأخطار تحيط بها من عدة جوانب، بل أيضاً لأن الأقدر ككيان سياسي لخلق نواة استقرار وتنمية في العالم العربي، يمتد لحدود العالم العربي وما بعد ذلك، مما يوضح أيضاً رؤية سمو ولي العهد لكي تتحول منطقة الشرق الأوسط إلى أوروبا الجديدة.
وبالاشارة إلى الاتحاد الأوروبي، ففي عام 2003 صممت السياسة الأوروبية للجوار بعنوان «سياسة أوروبية أوسع»، ينبغي على الاتحاد تطوير علاقة خاصة مع دول الجوار بهدف إقامة منطقة ازدهار وحسن جوار، إلا أنها لاحظت مع الوقت بأنها تتأثر بالتحديات الأمنية المشتركة، جراء ما قامت به روسيا في جورجيا 2008 وفِي أوكرانيا 2011، وإلى ما يتجاوز ذلك في الطوق العربي، وتأثيرات ما حصل في ليبيا وسوريا على تدفق اللاجئين.
ربما النظر في السياسة الأوروبية ضمن الاتحاد وتطورها تبعاً للمستجدات والمتغيرات الداخلية وفِي المحيط، يساعدنا أكثر في فهم رؤية خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده نحو أهمية بناء خليج قوي ومتعاون، والطموح أن يصل ذلك إلى التكامل.
والتنمية لا تتحقق إلا بالحد من المخاطر الأمنية، والسعي لبناء اقتصاد قوي عبر اتمام فكرة السوق الخليجي المشترك، واتمام جميع الإجراءات الجمركية المطلوبة، وتعزيز البنية التحتية وسكك الحديد بين دول المجلس.
إن رؤية الملك سلمان التي عبر عنها بيان العلا، تعتبر خريطة طريق لدول الخليج، بعد عام من جائحة كورونا والتأثيرات الاقتصادية الناجمة عنه، بالإضافة إلى تراجع الطلب على النفط، لتبني دول الخليج على ما لديها من قدرات بشرية واقتصادية وعسكرية، وعلاقات دولية مميزة، لمستقل واعد لأبنائها ولمحيط الخليج أيضاً.
كاتب سعودي
Twitter: @aAltrairi
Email: me@aaltrairi.com